كيف تبدأ عملك الحر دون أي خبرة سابقة؟
شهدت صناعة العمل الحر "المستقل" نمواً كبيراً على مدى السنوات القليلة الماضية؛ ويتجلى ذلك في الانتشار الكبير للمواقع والمنصات الإلكترونية المتخصصة بالعمل الحر، وما تزخر به من منشورات وإعلانات أعمال تتزايد يومياً، وبشكل كبير.
وباتت الشركات تساهم بدور كبير في نمو هذه الصناعة؛ إذ تشهد تكاليف التوظيف ارتفاعاً سنوياً بنسبة 5 – 10 بالمائة في الاقتصادات الناشئة. وفي الوقت الذي تتقلب فيه أعمال هذه الشركات مع تقلبات الأسواق، فإن الإجابة الأنسب لهذه المسألة عادة ما تكون في لجوء هذه الشركات لخبرات ما يعرف بالمستقل أو صاحب العمل الحر، عوضاً عن اللجوء لعملية التوظيف الرسمي وما يترتب عليها من تكاليف.
ومع وفرة المعروض من الأعمال التي تستهدف المستقلين، والإغراءات الكبيرة لطبيعة العمل هذه، فلن تلام عند التفكير جدياً ببدء العمل لحسابك الخاص؛ إلا أن المشكلة الأبرز التي يمكن أن تواجهك هي عدم معرفة طريق البداية. لحسن الحظ، إنّ تأسيس مسيرة مهنية ناجحة في مجال العمل الحر هو أمر أسهل مما يبدو، فما عليك سوى اتباع الخطوات التالية:
اختر المجال الذي يمكنك الإبداع فيه
في يومنا هذا، يمكن الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بأي عمل تقريباً. وبالتالي، هناك احتمال كبير أن تتضمن المهارات المذكورة في سيرتك الذاتية فرصة من فرص العمل الحر، إن لم يكن أكثر.
عليك التفكير بأسلوب إبداعي – فنحن لسنا جمعينا مصممي جرافيكس أو مبرمجين. ومع ذلك، يمكن أن تجد أن مهاراتك "الثانوية" يمكن أن توفر لك فرصة للعمل الحر. فعلى سبيل المثال، إن كنت تتمتع بمؤهلات جيدة في مجال الكتابة، يمكنك تطوير عمل خاص بك في مجال الكتابة والتحرير.
لا تقيد تفكيرك بأفكار سلبية حول محدودية إمكانياتك، أو عدم امتلاكك للمهارات أو الخبرات اللازمة للبدء بالعمل الحر. المعتقدات السلبية تعيق طريقك، بينما الايجابية تساعدك في المضي قدماً لتحقيق النجاح. ستفاجئ في الحقيقة أنك لا تحتاج سوى خبرة قصيرة للبدء بمسيرة العمل الخاص بك. إيمان قليل بإمكانياتك سيشكل مفتاح رحلة النجاح.
اصنع الاسم التجاري الخاص بك
إن كنت تخطط للنجاح في عالم العمل الحر ستحتاج لتأسيس اسم قوي يميزك عن غيرك من المنافسين. علامتك التجارية هي هويتك (على سبيل المثل موقع إلكتروني، مدونة، حسابات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي)، ويجب أن تشرح بشكل واضح أبرز إمكانياتك وما يجعلك مميزاً عن غيرك.
ومع أخذ ذلك بالاعتبار، يجب عليك تحديد خياراتك وتركيزك على فئة أو قطاع صناعي محدد. فإن كنت مصمم جرافيكس، على سبيل المثال، يجب عليك اختيار العمل للشركات الصغيرة الحديثة المتخصصة بالتسويق الرقمي. هذا الشكل من التخصص سيجعل منك أكثر جاذبية وتفضيل لمجموعة محددة من العملاء المحتملين، ويوفر لك فرص أكبر للنجاح.
أسّس مجموعة من الأعمال ذات الجودة العالية، واحصل على ردود وشهادات إيجابية من العملاء
لحسن الحظ، يفتقر عالم العمل الحر إلى القواعد والنظم الروتينية التي تحكم عالم الشركات. ولا يبدي الكثير من العملاء المحتملين اهتماماً بالخبرات والمؤهلات الأكاديمية، إذ يرغبون فقط معرفة ما أنجزته في الماضي، والحكم على هذه الإنجازات، وما إذا كانت تناسب متطلباتهم.
إن كنتَ ماهراً بالعمل الذي تقوم به، وتستطيع عرض مهاراتك ضمن مجموعة من الأعمال عالية الجودة، وحرصت على الحصول على ردود وشهادات إيجابية من العملاء، يمكن القول إنك تمتلك كل ما تحتاجه لتحقيق النجاح؛ إلا أن السؤال الأصعب، هو كيفية جمع هذه الأعمال دون وجود خبرة مسبقة؟
يتعامل الكثير ممن يمتهنون العمل الحر مع هذه المسألة عبر اختيار الأعمال الصغيرة ذات الإيراد القليل جداً، إلا أن ذلك يضعهم في حلقة مفرغة تدور دائماً حول هذه الأعمال الصغيرة ذات الإيرادات القليلة. وللعمل لصالح العملاء الكبار الذين يدفعون أجور جيدة، يجب أن تثبت أنك تستحق هذا الأجر من خلال القيام بعمل جيد وذو جودة عالية.
لذا، لا تخف في بادئ الأمر من العمل دون مقابل، نعم دون مقابل في بعض الأحيان، شرط اختيار العميل الصحيح، إذ يمكن للعمل المجاني في هذه المرحلة أن يكون ذو قيمة كبيرة في نهاية المطاف، وذلك عندما يساهم هذا العمل في إيصال إمكانياتك وخبرتك للعملاء المحتملين في المستقبل بالاستفادة من التعليقات والردود الإيجابية التي ستنهال عليك. كما أن تقديم خدماتك دون مقابل سيكون بمثابة مقدمة راقية لدخول عالم العمل المستقل الذي لا تخضع فيه لضغوطات العمل الوظيفي الدائم.
ابدأ مسيرة البحث عن الأعمال
لا يجب عليك البدء بالبحث عن العملاء الذين يدفعون جيداً لقاء الأعمال ما لم تكن قادراً على إظهار إمكانياتك وشهرتك عبر مجموعة من الأعمال ذات الجودة العالية والردود والتعليقات الإيجابية من العملاء حول هذه الأعمال. حالما تقوم بذلك، جراء العمل بأجر زهيد أو مجاني، يكون الوقت قد حان للبدء في البحث عن الأعمال المجزية.
لكن ما هي فئة العملاء التي ستستهدفها؟ إن كنت قد أسست اسم قوي وروجت لنفسك بشكل صحيح، عندها تكون قد بلغت مرحلة تعرف فيها تماماً فئة العملاء التي يجب أن تستهدفها؛ فمن خلال هذا التركيز والتحديد، فإن قابلية اختيارك وأخذك على محمل الجد من قبل العملاء المحتملين هي أكبر بكثير ممن يقدم خدمات عامة تستهدف مختلف القطاعات؛ إذ تتطلع الشركات للعمل مع المستقلين المتخصصين والمتاحين فقط لخدمة أعمالهم بشكل خاص – وبإمكانك امتلاك هذا السحر من خلال التخصص في مجال محدد.
يمكن إيجاد العملاء المحتملين في كل مكان، كالبحث عبر جوجل، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى زيارة الشركات. الإمكانيات لا حدود لها في هذا الصدد.
هناك عاملين هامين للبحث الناجح عن الأعمال، الأول هو البحث عن الشركات المتوافقة مع اختصاصك، في حين يتمثل العامل الثاني في عدد العملاء الذين تستهدفهم. احرص دائماً على البحث عن العملاء الذين تشاركهم نفس المجال، واستهدف هذه الفئة بشكل كبير. قرأت ذات مرة حول تجربة أحد الزملاء المستقلين وقاعدة "عشرة قبل عشرة" الذي حرص على اتباعها في بداية مشواره بالعمل الحر لحسابه الشخصي، فقد كان يحرص على استهداف عشرة عملاء محتملين قبل الساعة العاشرة صباح كل يوم عمل. وكان لهذه القاعدة أثرها الكبير في نجاح مسيرته المهنية في العمل الحر.
إن إيجاد العمل الحر هو مسألة أرقام، فكلما زاد عدد العملاء الذين تتصل بهم، زادت فرص العثور على الأعمال. هذه هي المعادلة التي يجب أن تؤخذ بعين الحسبان، فإذا كنت تمتلك مجموعة معقولة من المهارات، وأسست لاسم وشهرة لك، فلا يوجد هناك سبب لعدم النجاح في عالم العمل الحر، تماماً كما نجح الكثيرون قبلك.
